Advertisements
 

تقدم لنا الكتب والاخبار الكثير عن المرأة، ترى كيف تشكلت صورتها خلال التاريخ؟

  تاريخ المرأة... صراع الطبقات "الناعم"؟
                             

قدَّمت لنا أخبار الشعوب الماضية التي استعرضت حياة الأنثى العادية (غير المُنتسِبة لعائلة ملكية)، أنها كانت تتّسم بالتهميش والإبعاد والدونيّة على المستويين الاجتماعي والقانوني. في حين كان المُبرّر مرتبطاً بشكلٍ أساس بالفروقات الفيزيولوجية بينها وبين الرجل.

بالمقابل، اعتُبرت المرأة المَلكة (المُنتسِبة لعائلة ملكية) على أنها سيّدة تتمتّع بقوّة وفضائل تساويها بالرجل. وفي ما يلي استعراض مقتضب لوضعية المرأة في التاريخ.

مصر القديمة (الألفيّة الرابعة قبل الميلاد)

 
  • تاريخ المرأة... صراع الطبقات "الناعم"؟

امتلكت المرأة المصرية مكانة رفيعة في المجتمع، حصلت بواسطتها على حقوقها بشكلٍ كاملٍ، ومنها تطليق الزوج، وامتلاك الإرث وغيرها. فقد كان النظام الأمومي حاضراً بقوة. لكن في ما بعد، ومع عصر الاضمحلال الأول (أو: الفترة المصرية الانتقالية الأولى)، فقدت المرأة مكانتها وأُطّرت في غيتو الذَكر، حيث لم يعد بمقدورها الخروج منه، ولم تتمكَّن من رؤية أيّ رجل باستثناء زوجها، والخِصيان.

أما المرأة في العائلة الحاكِمة، فإنها في حال أنجبت طفلين أو أكثر من الفرعون، ومات الأخير فإنها تُنصَّب مكانه، وقد يكون بمقدورها، لمكانتها، أن تسلب الحُكم. والمثال على ذلك؛ حتشبسوت (حكمت بعد وفاة زوجها الملك تحتمس الثاني)، ونفرتيتي (استولت على الحُكم بذريعة النيابة عن ملك مُرتَقب كان صبيّاً)، وكليوباترا (قادت تمرّداً ضد إخوانها من أجل تقاسُم الحُكم مع أخيها بطليموس الثالث عشر).

في كتابها “نساء يحكمن العالم” تقول الأميركية كارا كوني، إنه “في مكانٍ واحدٍ على كوكبنا منذ آلاف السنين، ضدّ جميع احتمالات النظام الذي يُهيمن عليه الرجال، حكمت النساء مراراً وتكراراً بسلطةٍ رسميةٍ غير مُتحدة” مُشيرة بذلك إلى الحاكِمات المصريات.

اليونان القديمة (الألفيّة الأولى قبل الميلاد)

 
تاريخ المرأة... صراع الطبقات "الناعم"؟

في عصر اليونانيين الكلاسيكيين لدى هوميروس (700 ق.م)، كانت حال المرأة أكثر تطوّراً مما آلت إليه في عصر بريكليس (سياسي يوناني أثيني 429 ق.م ). لكنها في العموم، حظيت بالاحترام رغم التناقُضات التي تعتري طريقة التعامُل معها، لناحية إلزام المرأة الثريّة على البقاء في المنزل، في حين تُجبَر الفقيرة على العمل، وبالتالي تمتلك الأخيرة حيِّزاً من الحرية.

لم تتمتَّع المرأة اليونانية بأية حقوق سياسية (التصويت، الانتخاب) ولم تخضع  للتشريعات القانونية (على سبيل المثال: المرأة ليست مُذنبة في جريمة الزنا، على عكس الرجل، لأنه يعتبر “موضوع الجريمة”). كما مُنِعَت من حضور أية تظاهرة عامة، فضلاً عن ممارسة أيّ نشاط رياضي في أثينا. بينما في سبارتا أو أسبرطة (دولة “مدينة” ذات سيادة مُستقلّة) سُمِحَ للمرأة بالانخراط في الألعاب الرياضية ضمن إطار الجمباز، والرقص والجري فقط.

أما نساء الطبقة الحاكِمة، وعلى الرغم من استحالة وصولهّن إلى سدَّة الحُكم، فقد تمّ تدريبهّن على الفنون العسكرية وتمتّعن بحريّةٍ أكبر. تشابهت مع حرية المرأة العادية في أسبرطة. وسبب ذلك كله، هو شيوع ثقافة العزلة النسوية.

روما القديمة (أواخر القرن الأول قبل الميلاد)

 
  • تاريخ المرأة... صراع الطبقات "الناعم"؟

خضعت المرأة لسلطة الأب والزوج حتى سقوط الجمهورية الرومانية (27 قبل الميلاد). ومع تأسيس الإمبراطورية، اعتُبِرَت المرأة (الثرية) مُتساوية إلى حدٍ ما مع الرجل، ولكن ضمن الإطار العائلي فقط، فكان للوالدين التزامات مُتوازية تجاه الأطفال، ويُمكن للزوجة أن تصطحب زوجها إلى إحدى الحفلات. كما يمكن للمرأة ذات الحال المادية الممتازة، ممارسة حياة مُستقلّة والحصول على الطلاق والزواج لمراتٍ عدّة.

أما المرأة (المُنتمية للطبقات الفقيرة) فقد بقيت خاضعة لسلطة الذكر، باستثناء المومِسات، اللائي حصلن على قَدْرِ لا بأس به من الحرية رغم أنهّن في أدنى درجاته.

أوروبا العصور الوسطى

  تاريخ المرأة... صراع الطبقات "الناعم"؟

نشرت محاكِم التفتيش اعتقاداً أن النساء يمثّلن الشيطان على الأرض، وأنهّن قادِرات على تضليل الرجل عبر دفعه نحو الخطيئة بأيّ شكلٍ من الأشكال.

كما كانت النساء في ذلك الوقت ضعيفات جسدياً ومشكوك بأخلاقهن وقدراتهن، فكان يُنظَر إليهّن على أنهّن كائنات يجب حمايتها، سواء من قِبَل الآخرين أو من قِبَل أنفسهّن.

كما خضعت نساء النُبلاء، والراهبات في الأديرة، لإشراف الرجال وتوجيههم. ولم يتمكنَّ من دعم أعمالهّن التجارية الخاصة، حتى بعد الترمّل. في الواقع كان المجتمع النسائي مُقيداً بقانون ينصّ على أن كل إدارة يجب أن يقودها رجل.

أوروبا (الثورة الفرنسية)

 
تاريخ المرأة... صراع الطبقات "الناعم"؟
 

كان بعض فلاسفة التنوير الفرنسيين قد اتّخذوا من قبل موقفاً لصالح المساواة بين الجنسين بينهم هولباخ وكوندروسيه وفولت

قاتلت النساء إلى جانب الرجال في 14 تموز/يوليو 1789 (حادثة اقتحام سجن الباستيل) و 10 آب/أغسطس 1792 (حادثة اعتداء التويلري). كما أنه في صباح8 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1789 كانت النساء أول مَن قام بالتعبئة للتوجّه إلى قصر فرساي، حيث تبعهّن الحرس الوطني في فترة ما بعد الظهر.

قبل تلك الأحداث، لم يكن للمرأة حق التصويت أو الانتخاب، كما كانت مُستبعَدة تماماً من الحياة السياسية. وفي عام 1793، طالب جمهوريو باريس بإلزام جميع النساء بارتداء رمز وردة الثورة ومنحهّن جميع حقوقهّن المدنية.

أوروبا (القرن الثامن عشر)

 
تاريخ المرأة... صراع الطبقات "الناعم"؟

شهدت المرأة الأوروبية صوَراً جديدة (مجتمعية – روحانية) من خلال قيام الحركات النسائية إلى جانب العديد من المؤسّسات الرهبانية في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة.

وأعلن كل من وليام جودوين (فيلسوف سياسي) وزوجته ماري ولستونكرافت (كاتِبة) عن مشروعهما المُناصِر لحقوق المرأة، حيث بدأت الأخيرة في توسيع رقعة الحركات النسوية.

أما سياسياً فقد حصل جون ستيوارت ميل (فيلسوف وباحِث سياسي واقتصادي) على دعم المرأة في الاقتراع أثناء انتخابه نائباً في مجلس العموم.

أوروبا (العصر الفيكتوري)

 
تاريخ المرأة... صراع الطبقات "الناعم"؟

على الرغم من حقيقة أن السيادة في هذا العصر كانت في يد المرأة، إلا أنه غالباً ما كان يُنظر إليها على أنها شعار التناقُض الكبير بين السلطة في إنكلترا والوضع الاجتماعي المُتخلّف.

خلال عهد الملِكة فيكتوريا، أصبحت حياة نساء الطبقة الرفيعة تصعب بشكلٍ مُتزايد بسبب صفة “المرأة الملاك”، أو المثالية. إذ كان يُنظَر إلى النساء ككائناتٍ نقيةٍ ومُقدَّسة، وبسبب ذلك، كانت تُرى أجسادهن على أنها معابد، ليس لها أن تزيَّن بالجواهر أو تخضع لأعمال الجهد البدني.

في المقابل، كانت الحقوق القانونية للمرأة العادية مُماثِلة لحقوق الأطفال، فلا يمكنها التصويت أو مُقاضاة شخص ما في المحكمة، أو التملك. وعلاوة على ذلك، قلّص دورها لينحصر في الإنجاب والتربية، فلم تتمكَّن من ممارسة أي مهنة، إلا إذا كانت مُعلّمة أو خادِمة، ولا يحقّ لها الحصول على حساباتها الجارية أو دفاتر الادّخار الخاصة بها. كان وضع المرأة القانوني بائِساً.

أوروبا (خلال الحربين العالميتين)

 
تاريخ المرأة... صراع الطبقات "الناعم"؟

استدعى انخراط نسبة كبيرة من الرجال في الحربين العالميتين، إلى مجابهة النتائج المترتبة على ذلك اقتصادياً واجتماعياً. هكذا ملأت المرأة الفراغ الذي خلفه الرجال في أعمال الزراعة والصناعة، فانتقلن من الحالة “الملائكية” إلى كائنات ناشطة اقتصادياً. وكان في المحصلة أن استحوذت النساء على المزيد من الأدوار بعد شيوع فُرَص العمل خارج نطاق الأسرة. وهنا، بدأت المرأة بافتتاح شركات مُستقلّة. كما كافحت لدعم التغييرات القانونية التي تمسها، ومنها قوانين الطلاق وصولاً إلى العنف بأشكاله. إذ أدّت الفتوحات النسائية في العالم الغربي إلى امتلاك حقوق أكبر وإلى تقليص الفجوة بين الجنسين.

 

المصادر

[1] باسمة كيّال: كتاب تطوّر المرأة عبر التاريخ، مؤسّسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت، 1989، ص 32- 37 -40.

[2] كارا كوني: عندما حكمت النساء العالم، ناشونال جيوغرافيك، واشنطن، 2012، ص7 – 16.

[3] سعيد عبد الفتاح: تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1976.

[4] بيير ديفانبيه: معجم الحضارة اليونانية القديمة، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2016.

[5] إسماعيل مظهر: المرأة في عصر الديمقراطية، دار كلمات عربية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2012، ص11- 15.